فاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه و سلم
انها التاج النبوي وقنديل البيت المحمدي، ونجمه الزاهر ،وقمره المضيء وشمسه المشرقة.
انها قرة عين ابيها كما كان يحلو له ان يناديها الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم.
انها فاطمة بنت محمد صلى اله عليه و سلم .
اخر العنقود في نسل السيدة خديجة _رضي الله عنها –
لكنها كانت امتدادا للنسل المحمدي الى يوم القيامة.
شبيهة الرسول صلــــــــــــى الله عليه وسلم .
اناربها بيت النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يبعث بخمس سنين
وكانت ختام بنات النبي صلــــــــــى الله عليه وسلم
فحسن بها هذا الختام .وكانت تشبه النبي صلى الله عليه وسلم سمتا،وهيئة،وطريقة.
وفي الحديث عن عائشة ام المؤمنين ،قالت :
“ما رأيت احدا كان اشبه كلاما و حديثا برسول الله من فاطمة وكان اذا دخلت عليه قام اليها ،فقبلها ورحب بها ،وكذلك هي تصنع به”.
“فاطمة بضعة مني ما اغضبها اغضبني ،يريبني ما رابها و يؤذيني ما أذاها”
هكذا قال النبي صلى الله عليه و سلم
و لا عجب إذن أن تقول السيدة عائشة – رضي الله عنها-:
“كان أحب الناس الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فاطمة”.
بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
ما إن بلغت فاطمة عامها الخامس ، حتى أشرقت الأرض بنور ربها
و هبط أمين السماء بوحي السماء على الصادق الأمين
فنور الأرض بالقرآن الكريم.
فشهد البيت النبوي اسلام خديجة – رصي الله عنها -وعلي بن أبي طالب ابن عم الرسول صلى الله عليه و سلم
و غلام أبيها ومولاه زيد بن حارثة ومن تلاهم بعد ذلك من المسلمين.
فشبت فاطمة ترقب الاسلام تنمو شجرته ، و ما يعكر صفوها إلا ما يلقاه أبوها من أذى المشركين.
و كم من مرة كانت فاطمة تدفع الأذى عن أبيها و هي الفتاة الناشئة الضعيفة.
بل انها دخلت مع أبيها شعب أبي طالب في الحصار الظالم
و أصابها ما أصاب أمها من جهد و بلاء
و خرجت مع المسلمين لما انتهى الحصار.
و شهدت وفاة أمها – رضي الله عنها – لما خرجت من الحصار و قد بذلت هي الاخرى مالها و جهدها و عافيتها.
هجرتها الى المدينة :
عانت فاطمة رضي الله عنها مشقة الهجرة الى المدينة بعد أيام من هجرة أبيها صلى الله عليه و سلم
فهاجرة مع زوج أبيها سودة، و أختها أم كلثوم و أسامة بن زيد و أم أيمن
و خرج معهم عبد الله بن أبي بكر و معهم عائشة.
و في المدينة أقامت فاطمة في حجرة من تلك الحجرات التي بناها الرسول صلى الله عليه و سلم لنسائه و أهله.
و هي حجرات مبنية بالحجر و اللبن مشقوفة بالجذوع و الجرود
متوسطة الارتفاع حتى كان الداخل اليها يدرك سقفها بيديه.
و في المدينة جاءت البشرى التي حملها زيد بن حارثة الى أهل المدينة بنصر الله للمسلمين
و هذا في بدر الكبرى في السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة .
و شهدت فاطمة طابور الأسرى يخترق طرق المدينة و ما أفاء الله به على رسوله و على المؤمنين من غنائم.
زواجها :
لم ينقض شهر شوال و يبدأ ذو القعدة حتى كان الزواج المبارك بعلي بن أبي طالب
و ذلك بعد أن بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعائشة بأربعة أشهر و نصف.
و كان صداق فاطمة رضي الله عنها ما قيمته أربعمائة درهم هي ثمن درع علي.
ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما:
” لما تزوج علي فاطمة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أعطها شيئا
قال ما عندي شيء قال أين درعك الحطمية ؟
فأصدقها اياه و كان ثمنه أربعمائة درهم.
و تسلمتها أم سلمة رضي الله عنها فاشترت لفاطمة جهازها.
و في بيتها عاشت عيشة الزهد اقتداء بأبيها .
و كان في وسع النبي صلى الله عليه و سلم أن يمنحها الكثير
و هو الذي كانت تأتيه الغنائم فتوضع في الفضاء فلا تبلغ العين مداها.
بل كان في وسع زوجها علي بطل الأبطال أن يحمل لها من نصيبه
ما يجعلها أغنى نساء المدينة.
لكنها رضي الله عنها و أباها صلى الله عليه و سلم آثروا الله و الدار الآخرة
على الحياة الفانية ففازت بالدرجات العلى.
جاء في الحديث عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و مريم و آسية
فاطمة ربة البيت:
لم تتخذ فاطمة من كونها ابنة نبي الأمة و رسول رب العالمين سببا كي تعيش عيش الملوك
و تتخذ لنفسها عبيدا و خدما و جوار
بل كانت ربة بيت ترعى شؤونه و أما لأطفال تسهر عليهم و زوجة لرجل كادح محارب.
و لم تركن الى الراحة بدعوى تربية الأطفال بل حملت عن زوجها عبئا كبيرا
فأضافت الى أعباء الدار طحن الغلال و اعداد علف الفرس حتى غلظ كفها و خشن.
أما علي فكفاها مؤونة البحث عن الماء و حمله و كان يحمل الماء كالسقاء حتى آلمه صدره.
و لما أخذ منهما التعب مبلغه ،
و عرف علي بن أبي طالب أن سبيا جاء الى النبي صلى الله عليه و سلم
طلب من زوجه فاطمة أن تذهب الى أبيها فتطلب منه خادمة لهما
فاتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال لها : “ما جاء بك يا نية”؟
فقالت : جئت لأسلم عليك و استحيت أن تسأله و رجعت
فقال علي : ماذا فعلت؟
قالت : استحييت أن أسأله.
فأتياه جميعا فقال علي :
يا رسول الله والله لقد تعبت حتى اشتكيت صدري
و قالت فاطمة : قد طحنت حتى غلظت يداي و قد جاء الله بسبي وسعة فأخدمنا
فقال صلى الله عليه و سلم: “لا أعطيكما و أدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم
ولكن ابيعهم و أنفق عليهم أثمانهم ” فرجعا.
( و أهل الصفة هم فقراء أصحابه الذين لم يكن لهم مال و لا دار فأسكنهم صفة في المسجد)
فأتاهما النبي صلى الله عليه و سلم و قد دخلا في قطيفتهما .
إذا غطيا رأسيهما كشفت اقدامهما و اذا غطيا قدميهما كشفت رأساهما
فدخل ، فلما أرادا أن يقوما قال لهما النبي صلى الله عليه و سلم
” على مكانكما ” ثم قال : ” ألا أخبركما بخير مما سألتماني “؟
قالا : بلى يا رسول الله
قال:” بكلمات علمنيهن جبريل “سبحان الله في دبر كل صلاة عشرا،
و تحمدان عشرا و تكبران عشرا : و اذا أويتما الى فراشكما
فسبحا ثلاث و ثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين و كبرا أربعا و ثلاثين ،
فهو خير لكم من خادم.
وفاة النبي صلى الله عليه و سلم :
عاشت فاطمة آخر لحظات النبي صلى الله عليه و سلم
و وسط نساء النبي و هن مجتمعات في حجرته صلى الله عليه و سلم
أقبلت فاطمة فلما رآها النبي صلى الله عليه و سلم
رحب بها ثم أجلسها و أسر اليها حديث فبكت بكاء شديدا
فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت.
فلما قام النبي صلى الله عليه و سلم
سألتها عائشة عما قال لها
فقال فاطمة : ” ما كنت لأفش سر رسول الله صلى الله عليه و سلم”
لما توفي الرسول صلى الله عليه و سلم قالت عائشة لفاطمة :
عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه و سلم
قالت فاطمة رضي الله عنها : أما الآن فنعم ،
أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة
و أنه قد عارضه به العام مرتين و لا أراني إلا قد حضر أجلي
فبكيت بكائي الذي رأيت ، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال :
“يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة”
و حزنت فاطمة على موت أبيها حزنا شديدا ،ذبل معه جسدها
و بكته بكاء مرا و كانت تقول :
“يا أبتاه ،الى جبريل ننعاه. يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأوا”ه.
و قالت بعد دفنه:”يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله”
وفاتها :
مرضت فاطمة مرضا شديدا وجلس زوجها و أولادها ينظرون اليها في حزن شديد.
و في رمضان سنة احدى عشرة من الهجرة فاضت الروح المطمئنة و رجعت الى ربها راضية مرضية.
رضي الله عن السيدة فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.